استطلاع حول تبني الذكاء الاصطناعي في المؤسسات: الطموح وتعزيز القيمة وأهمية المصادر المفتوحة


بقلم: هانز روث، نائب الرئيس الأول والمدير العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا - ريد هات

13 أكتوبر 2025: تستعد المؤسسات لتبّني الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، وترى في المصادر المفتوحة أحد عوامل النجاح الهامة في هذا السياق. ومع ذلك، فإن قدرتها على التوسع في هذا المسار تواجه تحديات تتعلق بتوفر المهارات المناسبة والتكاليف العالية وما يعرف بــــ"الذكاء الاصطناعي الظلي". هذا ما خَلُصَ إليه استطلاعنا الأخير والذي شمل أكثر من 900 من مديري تكنولوجيا المعلومات ومهندسي الذكاء الاصطناعي في تسع دول1.

وبحسب الاستطلاع، يعد الذكاء الاصطناعي أولوية استراتيجية أساسية لــــ72%2 من المؤسسات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، والتي لديها خطط لزيادة استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي بمتوسط 32% بحلول العام 32026.

ويبدو التركيز على تبني الذكاء الاصطناعي جليّاً، إذ كشفت نتائج الاستطلاع أيضاً عن فرق واضح الطموح والواقع، حيث أفادت 7% من المؤسسات فقط أنها تقدم قيمة للعملاء جراء استثماراتها الحالية في الذكاء الاصطناعي اليوم4. ويشكل ذلك تحدياً كبيراً أمام القادة، نظراً لحاجتهم إلى ترجمة استثماراتهم الكبيرة إلى نتائج ملموسة للأعمال.

فإذاً، ما الذي يمنع المؤسسات من الانتقال من المشاريع التجريبية محدودة النطاق إلى تحقيق قيمة تشمل المؤسسة بأكملها؟

معالجة عوائق التوسع في الذكاء الاصطناعي
تظهر نتائج استطلاعنا النقص الكبير للمواهب في المؤسسات، حيث يقر 70% من المشاركين في الاستطلاع بالحاجة إلى تحسين مهارات الذكاء الاصطناعي3. وتكمن أبرز الفجوات التي أشار إليها المشاركون في التطبيق العملي للذكاء الاصطناعي، مثل ربط الذكاء الاصطناعي ببيانات المؤسسة (49%)، والاستخدام الفعال لقدرات الذكاء الاصطناعي (48%). كما أفادت نفس النسبة تقريباً (47%) بصعوبة تدريب فرق العمل على استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية، ما يعقّد عملية تبني الذكاء الاصطناعي على نطاق مؤسسي.
ومع زيادة أهمية دور الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل، يبرز جانب آخر من التعقيد يتمثل في"الذكاء الاصطناعي الظلي"، وهو استخدام الموظفين لأدوات ذكاء اصطناعي غير معتمدة، وهو ما أصبح يشكل تحدياً كبيراً للحوكمة الفعالة واعتماد الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

وقد أقرت الغالبية العظمى من المؤسسات (91%)5 في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا التي شاركت في الاستطلاع، أنها تواجه مشكلة "الذكاء الاصطناعي الظلي". ويمثّل هذا الواقع جرس إنذار حقيقي، إذ يشير إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يتم تبنّيها واستخدامها سواء بموافقة فرق تقنية المعلومات أم بدونها. ويؤدي هذا الوضع إلى نشوء مخاطر جديدة، ويؤكد ضرورة تكثيف برامج التوعية الداخلية وتطوير آليات حماية فعالة، تدعمها منصات ذكاء اصطناعي موثوقة تجمع بين سهولة الاستخدام والحوكمة السليمة، مع تصميم يضع المستخدم على رأس الأولويات.

الحل: نهج المنصات المبني على البرمجيات مفتوحة المصدر
إن تجاوز هذه التحديات يتطلب الانتقال من استخدام أدوات متفرقة ومجزأة إلى اعتماد استراتيجية موحدة قائمة على منصة متكاملة، وهو توجه يحظى بإقبالٍ متزايد من مديري تقنية المعلومات ومهندسي الذكاء الاصطناعي في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، حيث أكد 92% منهم على أهمية البرمجيات المؤسسية مفتوحة المصدر ضمن استراتيجيتهم الخاصة بالذكاء الاصطناعي6. ويمكن تحقيق مستوى عالٍ من الاتساق والتحكم الضروريين لتطوير ونشر وإدارة حلول الذكاء الاصطناعي عبر مختلف الأجهزة والخدمات السحابية من خلال منصة ذكاء اصطناعي مؤسسية مفتوحة المصدر.
وتحتاج المؤسسات إلى بيئة آمنة تُعطى فيها الأولوية للحوكمة، وتُتيح للفرق إمكانية الوصول إلى الأدوات التي يحتاجونها للتجريب والتطوير بثقة. وبدلاً من إنشاء أنظمة متفرقة في وحدات العمل المنعزلة (وهي الحاجز الأول أمام تبني الذكاء الاصطناعي وفقًا للاستطلاع)7، تتيح المنصات مفتوحة المصدر إمكانية تكرار قصص النجاح بدلاً من إعادة المحاولة من نقطة البداية. ويُسهم هذا النهج في تمكين فرق تقنية المعلومات من تعزيز الابتكار بدلاً من إعاقته، كما يُساعد على تحقيق أحد أبرز أولويات الذكاء الاصطناعي بالنسبة إلى 75%2 من المشاركين، ألا وهي الشفافية والانفتاح. وتوفر البرمجيات مفتوحة المصدر هذا المستوى من الشفافية، إلى جانب تعزيز المعايير الموحدة، ما يمنح المؤسسات قدرة أكبر على التحكم في الذكاء الاصطناعي وصنع القرارات المتعلقة بالبيانات. ويُعد هذا المستوى من التحكم والمرونة ضرورةً لضمان "السيادة على الذكاء الاصطناعي"، وهي أولوية لما نسبته 74%2 من المشاركين.
وتؤدي المنصات المؤسسية مفتوحة المصدر، مثل منصة "ريد هات أوبن شيفت للذكاء الاصطناعي" دوراً محورياً في تحسين المهارات، من خلال تزويد مختصي البيانات والمطورين بأدوات موحدة ومسارات عمل مبسّطة لعمليات تعلُّم الآلة MLOps والنماذج اللغوية الضخمة LLMOps، وهو ما يُعزز الإنتاجية ويتيح للمؤسسات الاستفادة من الكفاءات والابتكارات المتاحة ضمن منظومة المصادر المفتوحة. وتُبسّط هذه المنصات أيضاً عملية ربط النماذج ببيانات المؤسسات، ما يساعد على تجاوز تحديات التكامل الملحة7. وفي هذا الإطار، يعمل "خادم استدلال الذكاء الاصطناعي من ريد هات" على تحسين أداء الاستدلال لتقديم نماذج أسرع وأكثر كفاءة، ما يساعد على تخطي عائق التكلفة الذي أشار إليه 29%7 من المشاركين.
ومن خلال توحيد المعايير واعتماد منصات مفتوحة المصدر قوية، يمكن لقادة المؤسسات تعزيز التحكم والحوكمة في الذكاء الاصطناعي، وتقليل المخاطر عند التوسع، وتحويل الشفافية إلى ميزة تنافسية حقيقية.

تحويل الطموحات إلى قيمة ملموسة
يتطلب الفرق الواضح الموجود بين طموحات الذكاء الاصطناعي وقيمته الفعلية من المؤسسات أن تبادر بمواءمة تطلعاتها مع استراتيجية منصات تقنية تضع الابتكار، وتعدد الخيارات، وقابلية التوسع في مقدمة الأولويات، وذلك على غرار ما أثبتته منصات السحابة الهجينة من كونها النموذج الأكثر استدامة في عالم الحوسبة السحابية. ويعتمد الانتقال من مرحلة التجريب إلى مرحلة الإنتاج على مدى مرونة المؤسسة في التكيّف، وقدرتها على التوسع في الوقت المناسب.
وباستخدام منصة متطورة مثل "ريد هات للذكاء الاصطناعي"، تمتلك مؤسسات منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا الأساس المتين الذي يمكنها من توسيع نطاق أنظمة الذكاء الاصطناعي وإدارتها وتأمينها بالشكل الذي يتلاءم مع احتياجاتها الخاصة ومتطلباتها الفريدة.
..........................................................................................................................
1. منهجية البحث: تولت شركة Censuswide إجراء البحث، وشارك فيه 909 من مديري تكنولوجيا المعلومات (بما في ذلك مسؤولو البنية التحتية والبنية التحتية السحابية) ومهندسي الذكاء الاصطناعي (بما في ذلك مهندسي البرمجيات في مجالات الذكاء الاصطناعي/ تعلُّم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، والنماذج اللغوية الكبيرة، وعلماء البيانات) من شركات تضم 500 موظف أو أكثر في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا (في فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا، ودولة الإمارات، والمملكة المتحدة). ومن بين هؤلاء، 100 مشارك من المملكة المتحدة. وتلتزم Censuswide بمعايير جمعية أبحاث السوق وتوظف أعضاء فيها، وتتبع مدونة قواعد السلوك الخاصة بالجمعية ومبادئ ESOMAR، كما تعدّ Censuswide عضواً في المجلس البريطاني لاستطلاعات الرأي.
2. تراوحت الإجابات بين "أوافق بشدة" و "أوافق إلى حد ما".
3. يتوقع ما يقرب من خُمس المشاركين (17%) زيادة الاستثمار بنسبة 51% - 75%، بينما يتوقع ما يقرب من النصف (45%) زيادة تتراوح بين 21% و50%. كما يتوقع ما يقرب من الخُمسَين (36%) زيادات تتراوح بين 5% و20%. ويخطط أقل من 1% لزيادة تفوق 75% في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي، في حين أنَّ أقل من 1% لا يخططون لزيادة الاستثمار في هذا المجال، أو يخططون لزيادة بنسبة تقل عن 5%، فيما أفاد أقل من 1% بأنهم غير متأكدين.

4. طُلب من المشاركين اختيار المرحلة التي تنطبق أكثر على مؤسستهم:
16% من المشاركين في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هم في المرحلة 1 زيادة التوعية حول الذكاء الاصطناعي
26% من المشاركين في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هم في المرحلة 2 - الاستعداد لتبني الذكاء الاصطناعي
34% من المشاركين في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هم في المرحلة 3 - استكشاف حالات استخدام الذكاء الاصطناعي
16% من المشاركين في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هم في المرحلة 4 تعزيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
7% من المشاركين في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هم في المرحلة 5 - تعزيز القيمة للعملاء
وعند سؤالهم حول المستقبل، أفاد 21% من المشاركين بالاستطلاع بأنهم يأملون أن يعملوا على تعزيز القيمة للعملاء خلال خمس سنوات

5. تمثل مجموع الإجابات بـ"نعم" على سؤال "هل تعتقد أن مؤسستك تواجه مشكلة 'الذكاء الاصطناعي الظلي - أي استخدام غير مصرح به لأدوات الذكاء الاصطناعي من قبل الموظفين؟
6. تمثل مجموع الإجابات "مهم جداً" و"مهم إلى حد ما"
7. بالنسبة لــ98% من المؤسسات التي تواجه تحديات عند تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، وعند سؤالها عن أهم ثلاثة عوائق رئيسية، جاءت أكثر الإجابات شيوعاً على النحو الآتي: انعزال أقسام الذكاء الاصطناعي عن أقسام تكنولوجيا المعلومات (30%)، وارتفاع تكاليف التنفيذ والصيانة (29%)، ومخاوف خصوصية وأمن البيانات (28%)، وتحديات التكامل مع الأنظمة الحالية (27%).

© All rights reserved. Manama Business News